الصوت المغربي : متابعة من بوسطن أمريكا
الصدفة كانت وراء اكتشاف بائع متجول لأطراف آدمية بلغت درجة من التحلل. في أحد أيام أكتوبر 2016، أحس بائع متجول برغبته في قضاء حاجته، لم يجد أمامه من مكان مناسب سوى فيلا مهجورة غير بعيد عن “القنطرة” بالطريق المؤدية إلى حي الليدو، فالتف حوله وبعد أن تأكد من خلو المكان، دخله للتبول، لكن رائحة غريبة أثارت انتباهه، فقاده أنفه ليستكشف الأمر، وجد أمامه أطرافا آدمية متعفنة بذلك المكان الهادئ الذي لا يفكر أحد في الدخول إليه.
أصيب البائع بذهول، استفاق منه بسرعة، فخرج يهرول من المكان وهو يلهث ويتصبب عرقا، لا يدري ما يفعل. فهو ليس من قاطني المكان، وقادته الرغبة في قضاء حاجته الطبيعية ليكتشف أمرا غير طبيعي، ولا إنساني.
استقر به الأمر على أن يتصل بالأمن، فالقانون يطوق عنقه وقد يتابع بتهمة عدم التبليغ. بالفعل بلغ الأمن بما رآه، لتصل إلى الفيلا، وفي لحظات قليلة، أجهزة أمنية بمختلف تلاوينها من الشرطة العلمية، الوقاية المدنية، السلطات المحلية…
في لحظات قليلة تحول المكان إلى قلعة أمنية وبدأت عملية المسح بمكان وضع الأطراف، ومحاولة العثور على أدنى خيط أو دليل قد يقود لمعرفة هوية الفاعل، خاصة وقد عثر على أجزاء من الجثة بالسكة الحديدية غير بعيد عن ماكدونالدز.
بينت الأبحاث أن هذا الهيكل الآدمي النثن هو لفتاة شقراء، في منتصف عقدها الثاني، قام القاتل بفصل جسدها العلوي عن السفلي، بعد أن طعنها بسلاح أبيض أصابها في مقتل، وربما لم يتمكن الجاني من إخفاء الجثة، فقام بقطعها إلى نصفين وتركها بالفيلا المهجورة لعلمه بأنها مهجورة ولا أحد يلوذ إليها.
بدأت عملية رفع البصمات والأدلة من مكان الجريمة، وتم تحويل عينة من شعر الفتاة إلى المختبر العلمي للشرطة بالدار البيضاء، ليتبين فيما بعد أنها لطالبة تعمل بأحد مراكز النداء بفاس، تغيبت عن منزلها لأيام، ما جعل أسرتها تبحث عنها دون جدوى، وتقدمت إلى الأمن للإعلان عن اختفاء ابنتها.
استمعت الجهات الأمنية للبائع المتجول الذي كان مجرد زائر مضطر للمكان، ولكل من له علاقة بالفتاة، سواء بمحيط عملها أو بأسرتها وأصدقائها، ويوما بعد يوم كانت الخيوط تتشابك دون أن تقود لأي نتيجة، تم استبعاد مجموعة من المشتبه فيهم، ورصد المكامات الهاتفية الخاصة بها، فيما تتبعت الساكنة الأخبار يوما بعد يوم، لكن دون جدوى.
المحققون وبعد إيجاد شعر الفتاة وبضع نقط دم في سيارة الأسرة، وجهت أصابع الاتهام لشقيقها ولوالدتها وهي أستاذة، قبل يومين من حفل تقاعدها، قضيا 6 أشهر من التحقيقات، ليتبين فيما بعد أنهما بريئان من التهمة.
فقد قدمت صديقتها أثناء الاستماع إليها شهادتها بكون الضحية تعرفت على شخص يدعى عادل، لكن لم يتم التعرف على هويته.
الجاني لم يكن ليترك دليلا على فعلته، فقد غابت كل الأدلة التي قد يمكن أن تدل على هويته، واستمرت التحقيقات مدة قبل أن تلقى مصيرها “الرفوف”، لاعتبار القاتل “مجهولا”.
عن الصحافية أمينة المستاري