قصة قصيدة وطن رائية العرب قصة قصيدة وطن رائية العرب حذار من الهدوء إذا تفشى فعند الفجر قارعة تثور

قصة قصيدة وطن رائية العرب قصة قصيدة وطن رائية العرب حذار من الهدوء إذا تفشى فعند الفجر قارعة تثور

الصوت المغربي : عبد النبي الشراط المملكة المغربية

ذات يوم، وفي خضم ثورة شباب العراق المجيدة، كتب شاعر عراقي هذا البيت دون أن يدري أنه وضع بداية لقصيدة شعرية عربية رائية سيبلغ عدد أبياتها ثلاثمائة وواحد وسبعون بيتاً جميعها مختومة بحرف الراء، فسميت برائية العرب على غرار باقي القصائد الخالدات كما هي لامية العرب(*) زلامية العجم على سبيل المثال(**). وقد سجل شعراء عرب آخرون قبل هذا التاريخ قصائدهم ( كألفية بن مالك والقصيدة النونية التي اشتهر بها الشاعر الوزير الأندلسي إبن زيدون والتي اعتبرها الشعراء اللاحقون بعده من أشهر قصائد الفراق، حيث كتبها عن محبوبته ومعشوقته ولادة بنت المستكفي) وهناك قصائد أخرى أبدعها شعراء عرب وتختتم عادة بحرف معين.

وأنا لا أجيد نظم الشعر ولا أقوى على النقد، لكن سأستسمح الشعراء والنقاد عذرا إن أشرت في هذه المقدمة لمقاربات هذه القصيدة بقصيدة رائية العرب. فإذا كان الشعراء الأقدمون كتبوا قصيدة أو قصائد عرفت بالنونية والهمزية وسواها من الحروف الأبجدية، فإن ما يميز (قصيدة وطن/ الرائية) هي أنها تتشكل من 371 بيتا شعريا وشارك فيها أكثر من ستمائة شاعر وشاعرة من العرب اختير منهم مائة وتسعة وثلاثون شاعر وشاعرة، فمن المستحيل أن تُنظم قصيدة بهذا الشكل حيث يكتب شاعر في اليمن بيتا أو بيتين، ثم يكتب شاعر آخر من مصر أو المغرب بيتا يتناسق مع الأبيات الأخرى وهكذا حتى أصبحت القصيدة جاهزة.. لكن كيف تمت هذه المعجزة الشعرية اللغوية التي افتتحها الشاعر والفيلسوف العربي العراقي الدكتور صالح الطائي ببيت افتتحنا به هذه المقالة، ثم توالت الأبيات من كل فج عميق، ليشهد الشعراء والشاعرات بعد ذلك قصيدة متناغمة ومتناسقة ومضبوطة إيقاعا وكلمات ووزنا ومعنى وبناء وهدفا؟
وقصتها أن شاعرنا صالح حينما رأى أن هذا البيت يمكن له أن يصبح ابياتا ثم قصيدة، أوحى إليه فكره الخلاق أن يشرك معه من أراد ورغب وتطوع من الشعراء العرب، فكتب كلمات قصيرة على حائطه الفيسبوكي دعوة وجهها إليهم، فتلقف كلمته شعراء وشاعرات من مختلف أقطار وطننا العربي المأزوم والمكلوم والمشتت والممزق والمنهار، وقرروا جميعهم أن يرسموا معالم طريق الوحدة العربية من جديد، دون أن يلقوا بالا لما يجري من حولهم من تمزقات وحروب مشتعلة هنا وهناك بين العربي والعربي فقط.

أعلن ستمائة شاعر وشاعرة التحدي فأبدعوا قصيدة الوحدة العربية، وكنتُ أتابع ذلك عن بعد، وما تمنيت بحياتي أن أكون شاعرا يوما إلا خلال تلك اللحظات التي كنت أقرأ فيها على صفحة أخي صالح ردود الفعل من قبل هؤلاء الشعراء المجانين الذين ما زالوا يحلمون بالوحدة والوفاق ولو عن طريق الشعر.. ولأول مرة أعترف لهؤلاء أنني أحيانا كدت أكتب شعرا، لكنني كنت أتراجع عن الفكرة لسبب وحيد، هو أنني لم أفكر قبلا أن أكون شاعرا، وحينما رأيت الفكرة بدأت تنمو وتكبر، وأصبحت فكرة قائمة ولم تعد مجرد حلم عراقي فقط، وأخذت بعدها القومي العربي خاطبت صديقي وأخي الدكتور صالح الطائي بأن يسمح لي كناشر مغربي بتبني هذا العمل العربي الفريد من نوعه، وأن لا يطبع هذا العمل أولا إلا في دار الوطن، فتلقى اقتراحي قبولا منه، شاكرا له حسن ثقته بي، وهكذا بدأت القصة.. .. ولطالما تمنيت مشاركة شعراء مغاربة لكني لم أظفر إلا بواحد فقط، وكان الشاعر الغنائي الأستاذ أحمد حسون هو من حل لي عقدة مشاركة المغاربة، وسررت أكثر حين دخلت الأديبة المغربية الدكتورة بشرى تاكفراست من جامعة القاضي عياض بمراكش على الخط حيث كتبت مقدمة القصيدة.
ثم دخلت القصيدة مرحلتها الثانية في التنقيح وربط المشاركات بعضها ببعض لتبدو أبياتا متناغمة، فكان الشاعر والمهندس الأستاذ ضياء تريكو صكر هو من تولى هذه المهمة الصعبة والمعقدة، فأبدع فيها وأفلح، وبذل جهدا مقدرا وجب الإشادة به.
الكتاب/ القصيدة/ الوطن
بلغ عدد صفحات الكتاب ١٢٤ صفحة من القطع المتوسط وعناوينه موزعة كالآتي:
أولا: تمهيد/ مجرد رأي. حيث تضمن التمهيد الحديث أولا عن الآدمية والإنسان والوطن، ولأن (الوطنية ليست شعارا شعارا فضفاضا تلوك الألسن هيبته، بل هي بناء أخلاقي يسمو بالنفس البشرية إلى مصاف الملائكة..)
ثانيا: شكر وتقدير/ قبل بداية الرحلة..
في صفحة واحدة سطر صاحب الفكرة كلمة شكر بحجم الوطن، لكل من ساهم.. في صنع وإنجاح هذه الملحمة العربية الخالدة.
وكان لابد من إهداء..لانه جهد مائز ولأنه جهد عربي مشترك لم نشهد له مقاربا ولا مشابها..ويهدى لشعراء الأمة العربية.
ثالثا: كلمة دار النشر التي ابتدأت بهذه الكلمات: في البدء كانت فكرة، ثم أصبحت موضوعا، ثم تطورت إلى شيء أكبر من كل توقع لكي تكون قضية، قضية العرب بالتحديد وشعرائهم بالتخصيص.
رابعا: مقدمة الكتاب/ صالح الطائي ومن معه/ بدأها الدكتور حسين سرمك حسن بقصة رسول حمزاتوف الطفل حين عاد لقريته ذات مرة وهجمت عليه الكلاب في السهوب فصاح عليه الرعاة بأن يتمدد على الأرض ويتظاهر بأنه ميت ريثما يصلون إليه لكي يخلصوه، فتمدد رسول وبدأت الكلاب تتشممه وحين وصل الرعاة سألوه ما الذي جاء به إلى هذه المنطقة؟ فأجابهم بأن أباه أرسله للقرية المجاورة كي يسمع الشعر من شيخ يحفظ آلاف الأبيات، فسألوه عن الغاية من ذلك، فأجابهم لأنني أريد أن أكون شاعرا، فرموه إلى الأرض.. وصاروا يرددون ( يريد أن يكون شاعرا وهو يخاف من الكلاب). وهي حكمة بليغة استهل بها الدكتور سرمك مقدمته الجميلة والرائعة والتي تتكون من خمس صفحات.
خامسا: قصة المشروع التي ابتدأت سطورها بهذه الكلمات: تستوجب كتابة التاريخ الملحمي لأي مرحلة إجراء طقوس تمهد للفكرة، أما كتابة تاريخ حقبة معاصرة بكل تعقيداتها الفكرية والأيديولوجية والسياسية فتستوجب أن تكون هناك طرقا فنية مبتكرة وغير تقليدية تتماهى مع انبثاق روح الثورة في النفوس.. وتمددت على إحدى عشر صفحة من صفحات الكتاب.
سادسا: ثم جاءت كلمة تحت عنوان: فكرتي ورؤاهم، التي رسم خلالها الدكتور الطائي درجات وأساليب ومهارات وأحاسيس ثقافات مختلفة وبيئات مختلفة للمشا

الاخبار العاجلة