الصوت المغربي : متابعة من بوسطن أمريكا
شهدت الدورة العادية لشهر ماي 2022 الخاصة بالمجلس الجماعي لأولاد افريحة التابعة لإقليم سطات والتي انعقدت يوم الخميس 5 ماي 2022 إدراج نقطتين غريبتين في جدول أعمالها وهما كالتالي :
النقطة الأولى وترتيبها أولا في جدول الأعمال : ” الدراسة والتصويت على إقالة رئيس لجنة المرافق العمومية والخدمات وإعادة انتخاب رئيس اللجنة ونائبه ” .
النقطة الثانية وترتيبها ثالثا في جدول الأعمال : ” الدراسة والمصادقة على مشروع تعديل القرار الجبائي الجماعي المحدد لنسب وأسعار الرسوم والواجبات المستحقة لفائدة ميزانية جماعة أولاد افريحة ” .
أما بخصوص النقطة الأولى فالملاحظ أن رئيس الجماعة أدرج الإقالة وإعادة انتخاب الرئيس ونائبه معا في نفس النقطة ، وكأنه لا يحتاج لتأشيرة السيد العامل لإنفاذ مقرر الإقالة ، ضاربا بذلك كل القوانين ومتجاوزا لكل الحدود ، وقد تبين بعد طرح هذه النقطة للتداول أن هناك مؤامرة يحيكها رئيس الجماعة ضد السيد رئيس اللجنة المذكورة ، بعدما قام بتجييش الأعضاء الذين يأتمرون بأمره من أجل إنجاح مؤامرته الهادفة لإقالة رئيس اللجنة المذكورة ، وباعتبار أن رئاسة هذه اللجنة مخصصة للمعارضة حسب مقتضيات النظام الداخلي للمجلس الجماعي بأولاد افريحة ، وتجنبا لأي مفاجأة قد تقود أحد المعارضين الفعليين إلى رئاسة هذه اللجنة ، عمد رئيس الجماعة إلى الاكتفاء بالإقالة خلال هذه الدورة وتأجيل انتخاب رئيس جديد للجنة ونائبه إلى دورة قادمة ، ولم يدفعه إلى ذلك انتباهه إلى خطئه في الجمع بين الإقالة وإعادة الانتخاب ، بل دفعه إلى التأجيل خوفه من أن تخرج رئاسة اللجنة عن كنفه .
وبالنظر إلى سياق الأحداث التي شهدتها جماعة أولاد افريحة خلال الأشهر والأسابيع الأخيرة ظهر جليا أن إدراج هذه النقطة تم بخلفية سياسية انتقامية وليس بخلفية قانونية ، مما يستوجب بطلان المقرر الذي خطط رئيس الجماعة لاتخاذه بشأنها ، حيث أن هذه الدورة جاءت بعد مجموعة من الأحداث المتسمة بالمواجهة الحادة بين رئيس الجماعة والمعارضة ، ونذكر منها :
أولا : مراسلات رئيس لجنة المرافق العمومية والخدمات لرئيس الجماعة بخصوص بعض القضايا التي تدخل في صلب اهتمامه كمستشار جماعي أو تدخل في نطاق مهامه كرئيس للجنة المرافق العمومية والخدمات وتدخلاته بالدورات السابقة للترافع عن قضايا المواطنين ومصالحهم وكشفه إلى جانب باقي أعضاء المعارضة لمختلف الشبهات المتعلقة بالنقط الواردة في جداول الأعمال ، حيث تضجر رئيس الجماعة من تلك المراسلات ومن تلك التدخلات أثناء جلسات الدورات بسبب عدم اتسامها بالتماهي مع مساعيه .
ثانيا : الشكايات الموجهة ضد رئيس الجماعة إلى السلطة المحلية والسلطة الإقليمية بسبب إسقاط تدخلات وملاحظات أعضاء المعارضة في الدورات السابقة .
ثالثا : انسحاب أعضاء المعارضة من الدورة الاستثنائية المنعقدة يوم 21 أبريل 2022 مباشرة بعد انطلاقها ، احتجاجا على التلاعب في مضامين محاضر الدورات السابقة من طرف رئيس الجماعة وكاتب المجلس .
رابعا : عدم احترام رئيس الجماعة للقواعد والضوابط الشكلية في التواصل مع رئيس لجنة المرافق العمومية والخدمات ، سواء تعلق الأمر بشكليات الاستدعاء أو تعلق الأمر بعدم أخذه بعين الاعتبار الشواهد الطبية المدلى بها ، حيث أن السيد رئيس اللجنة المذكورة يخضع لعلاجات مسترسلة بالديار الإيطالية كما تشير إلى ذلك الشواهد الطبية المرسلة إلى رئيس الجماعة وكذا الموظفين المعنيين بالجماعة الترابية أولاد افريحة .
خامسا : تزامن محاولات التضييق التي يتعرض لها أعضاء المعارضة من طرف رئيس الجماعة مع حملة إعلامية كشفت عن مجموعة من الاختلالات التي ارتكبها هذا الأخير ، مما جعلته يتفاعل معها بمزيد من التضييق والانتقام .
إن قرار إقالة رئيس لجنة المرافق العمومية والخدمات يستوجب الإبطال ، باعتباره قرارا إداريا متسما بالشطط في استعمال السلطة بسبب عدم استناده على أسباب واقعية وقانونية تبرره وبسبب الخلفية السياسية الباعثة على اتخاذه ، وهذا ما أكدت عليه محكمة النقض في قرارها رقم 38/1 بتاريخ 18 يناير 2018 ، ملف إداري وجاء فيه : ” القرار الصادر عن المجلس الجماعي القاضي بإقالة أحد الأعضاء من منصب رئيس لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة بالمجلس، قرار إداري مستجمع لعناصر ومقومات القرار الإداري من حيث صدوره عن سلطة ذات طبيعة إدارية، وذي صبغة تنفيذية ومؤثر في المركز القانوني للطاعن يجعله قابلا للطعن بالإلغاء في إطار القواعد الشكلية العامة لدعوى الإلغاء للتجاوز في استعمال السلطة ” .
وبالإضافة إلى ما ذكرناه آنفًا ، فإن السيد رئيس لجنة المرافق العمومية والخدمات مهاجر مغربي بالديار الإيطالية دفعه حسه الوطني وحبه لوطنه إلى الترشح في الانتخابات الجماعية السابقة ، فنال ثقة المواطنات والمواطنين لما يوصف به من إخلاص لوطنه وبلدته واستعداده للمساهمة في تحقيق التنمية المنشودة . لكن التضييق الممنهج الذي يتعرض له من طرف رئيس جماعة أولاد افريحة ، يدل على أن هذا الأخير لا يكترث لسياسة الدولة تجاه المهاجرين المغاربة ولا يعطي اعتبارا للمكانة التي يحظون بها في مختلف البرامج السياسية لحكومة صاحب الجلالة نصره الله وأيده .
كما أن جماعة أولاد افريحة تابعة لقبيلة بني مسكين ، حيث ينحدر منها عدد كبير من المواطنين المتواجدين بديار المهجر ، مما يجعل من التضييق على السيد رئيس لجنة المرافق العمومية والخدمات سببا كافيا إلى نفور وابتعاد أولئك المواطنين أكثر عن بلدتهم ووطنهم ، خصوصا وأن وسائل التواصل الحديثة يسرت عملية صناعة الرأي العام .
وأما بخصوص النقطة الثانية المتعلقة بتعديل القرار الجبائي وبعد الرجوع إلى الوثائق المرفقة بالاستدعاءات الخاصة بالدورة ، فقد تبين بأن الأمر يتعلق بالتصرف في الرسوم المفروضة بالأساس على التجار والحرفيين والمواطنين الذين يرتادون سوق سبت أولاد افريحة ، دون إطلاع أعضاء المجلس الجماعي على القرار الجبائي الساري المفعول حتى يتبين لهم نوع التعديل الذي سيحصل للرسوم سواء بالزيادة أو النقصان . والمثير للاستغراب والشك هو أن رئيس الجماعة يعلل مسعاه بالسعي إلى تحسين مداخيل الجماعة ، في حين أن صفقة كراء السوق ما زالت سارية المفعول ، بما يدل على أن المستفيد الوحيد من تعديل القرار الجبائي المفضي إلى تحسين المداخيل هو الشركة نائلة الصفقة . وقد نبه إلى هذه الملاحظة المستشارون الجماعيون المعارضون أثناء تداول المجلس الجماعي لهذه النقطة ، ورغم ذلك أصر رئيس الجماعة ومن يواليه على طرح النقطة للتصويت ، حيث قاموا بالتصويت لصالح التعديل ، مما يثير لدينا شكوكا حول العلاقة التي تربط رئيس الجماعة بالشركة المكترية للسوق .
كما أن إقالة رئيس لجنة المرافق العمومية والخدمات لها ارتباط مباشر بتعديل القرار الجبائي ، لأن السيد الميلودي السعداني تقدم سابقا إلى رئيس الجماعة بطلب تكليف لجنة مؤقتة لمعاينة السوق ، هذا من جهة ، ومن جهة ثانية فالسيد الميلودي السعداني بحكم وطنيته واستقامته لا يقبل بأن يلعب دور المساعد في ارتكاب المخالفات والتحايل على القانون ، وبالتالي لا يمكنه استساغة تعديل القرار الجبائي الذي سيعود بالفائدة للشركة المعنية وليس لفائدة الجماعة كما يزعم رئيس الجماعة ، لذلك تحركت مساعي إقالته وتحييده من رئاسة اللجنة المذكورة ، وربما ستتحرك تلك المساعي لإقالته من عضوية المجلس الجماعي ، إذا لم تتدخل السلطات الوصية لمحاسبة ومعاقبة رئيس الجماعة المعني على ممارساته المخالفة للقانون والتي تدل على عدم التزامه بالضوابط القانونية في تدبير شؤون كل من المجلس الجماعي والإدارة الجماعية ، كما تدل على أنه غير جدير بتسيير مرفق عمومي تراهن الدولة عليه في تقديم خدمات القرب بما يقتضيه النموذج التنموي الجديد .
وبالنظر إلى الاعتبارات التي ذكرناها أعلاه ، وحفاظا على النظام العام والمال العام وصونا للحقوق ، فالمطلوب من سلطات وزارة الداخلية المختصة أن تتدخل بشكل مستعجل كي تتخذ المتعين بشأن القرارين المتعلقين بالنقطتين المشار إليهما أعلاه لإبطالهما سواء بالتعرض أو الإحالة على الجهات القضائية المختصة كما ينص على ذلك القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات .